أغنية قديمة سمعناها كثير في طفولتنا ، و الذي تبقى منها راسخ في أذهاننا و نتداولة دائمًا هذي الجملة ؛ ” الحياة حلوة بس نفهمها ” .
.
كثير مننا عرف و عاش حقيقة هذي الجملة ؛ عرف ان الحياة ليست بوجهه واحد و ليست على صعيد واحد ، مو كلها سعادة و لا كلها حزن و مُعاناة ، وأن السعادة إختيار كما أن الحزن و المعاناة إختيار .
.
النظرة الإيجابية للأمور و للحياة بشكل عام إختيار و ممكن الواحد يدرب نفسه على أن يكون شخص إيجابي ، ممكن العكس يدرب نفسه و يكرس عمره و حياته على أن النظرة السلبية و السوداوية للأمور و للحياة بشكل عام .
.
من بداية الخليقة و الله سبحانه و تعالى كتب هذا الشيء على عبادة ، و ترك لنا حرية الإختيار ، إما خير و فلاح و نجاة ، و إما شر و إنتكاس و عذاب “و العياذ بالله ” ، و هذا دليل قاطع مافيه أي مجال لِ اللبّس أو التشكيك .
.
أحنا ما نقول انه مافي معاناة و لا ننفي وجودها أبدا ، و لا ننكر المشاعر السلبية أبدا ، اللي ننكره و نحاربه هو الإستسلام لهذه المشاعر و ترك أنفسنا لها ، و الركون إلى كونها حقيقة حياتنا اللي لازم نؤمن بها ، هذا غير صحيح إطلاقًا .
.
الجميع ممكن أن يمر في اللي مريت فيه الآن ، و ممكن مر فيه قبلك و خلص ؛ و لكن الشيء اللي يخليه مختلف عنك هو إنه استعمل حقه في الإختيار ، و قررت ما يستسلم لشيء و قرر يبحث عن جمالية الحياة و عن السعادة في داخله أولًا ثم يبحث عنها في الوسط المحيط فيه ؛ سواءًا بيته او عائلته او الحي اللي ساكن فيه ، مدينته ، دوامه او عمله ، في أي شيء حوله .
.
هذا شيء الشيء الثاني هو ؛ من لطف الله في عبادة و معرفته و حكمته أن زاد رجاحة إختياراتنا في الحياة ، بتقولون كيف.؟ بعلمكم كيف وركزوا في هذي النقطة جدًا لانها مهمة و قليل من يستوعبها و يفهمها .
.
ربي لمن عطانا حرية الإختيار في الحياة الدُنيا ، وأجل الجزاء ليوم القيامة لحكمه و سبب ، ما اقدر افتيكم فيه لان مو مجالي الدين ، ولكن اللي اقدر اقوله ان في تأجيل الجزاء و الحساب رحمه من الله ، عشان اللي اذنب يقدر يستغفر و يتوب ، و اللي مر في آمر سيء يقدر يعدله و يتعلم ، *اللي في ظروف صعبة او فترة صعبة من حياته* “وهنا مربط الفرس” ، يقدر يتعلم من هذي الظروف و ياخذها كدرس له و بالتالي يبحث عن حلول تساعده في انه يتخطى هذي الأزمة و هذي الفترة ، حلول تشاعده في انه يشوف جمال الحياة و يعيش السعادة في ابسط الأمور .
.
في مائدة طعام متكاملة و مرتبة ، في منزل دافئ في الشتاء و بارد في الصيف ، في جسد متعافي بكامل صحته و لياقته ، في ماء يوصل له بيُسر و سهولة ، في حديقة او سطح او بلكونة نقدر نزرعها و نستمتع فيها او نقدر نخرج فيها نغير جو ، في سيارة توصله لأي مكان يبيه بسرعة و راحة ، في بلد آمن مُطمئن تحفة الخيرات و النعم من كل جانب ، في حكومة رشيدة و واعية و تدور مصلحة الشعب ، في تعليم مُيسر و متاح للجميع ، و منظومة تعليمية متكاملة تسعى إلا إنشاء جيل واعي و مثقف ، في نِعَم كثيرة ما لها حصر و لا عد ، لو إستشعرنا وجودها و شكرنا الله عليها لوجدنا السعادة و الراحة النفسية و الرِضا .
.
دُمتُم بِودّ
أرشيف التصنيف:غير مصنف
الكاتب المُبهر منشأه تعبير فاشل .
و لو انني ما احبذ الكتابة باللغة العامية ، ولكنني أحبيت أن تكون اللغة هالمرة بسيطة و مفهومة أكثر ، في أثناء إستماعي إلى برودكاست ” بدون ورق” كانت ضيفة البرنامج الكاتبة ؛ بُثينة العيسى ، وكان موضوع اللقاء : ” علاقة المناخ الثقافي بالإنسان” ، تطرقت الى موضوعات كثير و مهمة كلها مرت على ذاكرتي مرور الكرام الا نقطة وحدة ، فجأة اشتعلت ذكرى قديمة و مؤلمة الى حدٍ ما ، يمكن البعض يحسها عادية او سطحية ولكن لا ؛ في المرحلة الإبتدائية سنة 2004 كان التعليم يركز بشكل كبير على اللغة و الدين ، لدرجة انه اللغة العربية يندرج تحتها أكثر من مادة منها ؛ القراءة ، النحو و الصرف ، الأدب العربي ، الخط .
يركز على اللغة لدرجة انه كان في مادة إضافية نشتري كتابها من المكاتب ماتطبعه الدولة ألا و هي التعبير ..
.
وهذا تأكيد على حرص وزارة التعليم على إرساخ مبدأ اللغة العربية الفصيحة ، وتهذيب أدب التواصل مابين أفراد المجتمع ، وفعلا أثمرت هذي القيم المغروسة فيهم ، و لو كانت بشكل طفيف ، لابد من وجود مسحة من نتائج هذه الجهود المبذوله ، و لو أننا ندقق في أبناء هذه الفترة الزمنية ، لوجدنا فيهم قيم و مبادئ إن لم تظهر في الأخلاق بانت في اللغة و إستخدام الكلمات و التشبيهات العميقة .
..
الشاهد من هذا الموضوع ، هو أن ظهور هذه المبادئ و القيم و التنويرات لا يقترن بمرحلة عمرية او دراسية معينة ، و ان الإعادة و التلقين و التهذيب و الإجبار في بعض الأحيان ليس مقياسًا لوصول المعلومة و رسوخها في الذهن ، بل إن العقل الباطن يعمل على تخزين تلك الخبرات و المعلومات في منطقة اللاواعي ليُظهرها في الوقت المناسب و المكان المناسب .
.
إن المُضحك المبكي هو ما حدث معي ؛ في المرحلة الإبتدائية كنت أخوض أعظم و أكبر المعارك في الدراسة ، و بالأخص في مادتيّ الخط و التعبير ، لا أخفيكم أن الخط السيء كان كالشبح الذي يحوم حولي و لازال ، أما فيما يخص التعبير فكنت الأسوء فيه ، الأسوء في كتابة الرسائل ، و الأشد سوءًا في تلخيص المواضيع و هي أزمة ما زالت تلاحقني .
.
فكيف يُمكن إختزال موضوع بأكمله في بضعِ جُمل ، معلومات مكثفة تتجاوز عشرات السطور و الكلمات تُلخص في جملة واحدة ، بل وصلت إلى مرحلة من الإشمئزاز من الإختصارات ، أجد نفسي في التفاصيل الدقيقة ، في العُمق و في التشعبات و الإختلافات .
.
العبرة من ما سبق هو أن التعثر في البداية لا يعني الفشل في النهاية ، من كان يُصدق بأن الطفلة الضعيفة في التعبير هي ذاتها من ترجمت هذه المشاعر و سطرتها في هاته الكلمات.
.
دُمتُم بِود.
فُقاعة الفراغ
يقول الشاعر ؛
إن الدقيقة في الفراغ ندامة ،،،
ومصيبة عند الورى سوداء .
….
كثيرًا ما نسمع بين الشباب و المراهقين بالذات عبارة ؛ ” ملل ، الروتين يتكرر ، حياتي فارغة ، قتلنا الفراغ ، …. ” و الكثير من العبارات المشابهه و التي تدور في نفس الدوامة و حول المحور ذاته ، ألا و هو الفراغ و عدم إستغلال الوقت ،بما ينفع .
…
لو ركزنا قليلًا لوجدنا السبب الأكبر و الأكثر تأثيرًا على ضياع الأوقات بلا طائل ، والذي بدوره يجذب الملل و الروتين القاتل هو ؛ غياب و إنعدام الإنضباط و حس المسؤولية .
…
لرُبما تسائلت عزيزي القارئ عن الداعي لذكر المسؤولية ، و سوف أُجيبُك بأن الحفاظ على الأوقات الفارغة أو الأوقات المُستقطعة من العمل و الدراسة و عدم تركها تنساب من بين أيدينا بلا فائدة يندرج تحت مسؤولية الشخص الفردية ، و لما يترتب عليها من حساب و جزاء يوم القيامة وقد تحدث فيها عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ) عن الله عز و جل .
………
لو تأملنا الحياة من حولنا لوجدنا أننا نعيش في عالم لا يتوقف عن العمل ، من أصغر المخلوقات ” المجهريات ” وصولًا إلى البشر ، فلماذا تقرر في لحظة ما أن تتوقف عن الحياة و تعيش كالأشباح .
……..
تتمسك بفُقاعتك و ترفض الخروج منها ، من فقاعة الفراغ ، حيث يُهيئ لك عقلك بأن العالم خارجها يُكِنّون لك العَداء ، و يتحيزون الفرص لإيذائك ، بينما الواقع أجمل من ذلك بكثير ، حتى و إن كان السوء موجودًا فهو لا يتعدا أن يُصيب من يقترب منه أو يستخف به .
…..
عزيزي القارئ صاحب التجارب السيئة ، صاحب القلب المليئ بالكدمات ، لو أن لي حيلةً أكبر من هذه الكلمات لخلقتُها لأجلك ، عُذرًا لقلبك و مُصابك ، لي رجاءٌ واحد هو أن تتوقف عن لوم نفسك و لوم الآخرين على حالك الأن ، و تُعيد ترتيب الأمور و صياغتها بطريقة تضمن لك النهوض من جديد ، و إستعادة السيطرة على حياتك ، حتى يختفي الروتين المُمِل يجب أن تعمل جاهدًا على إعداد روتين آخر مليئ بأمور رائعة لم تفعلها من قبل أو توقفت عن فعلها لفترة من الزمن .
…
.
دُمتُم بِوِد
اللسان مرآة للعقل.
بعيدًا عن المثاليات و الوعي المصطنع ، ثقافة الجُهلاء ، الرُقي الدنيئ ، و غيرها الكثير من الكلمات و المُصطلحات التي تدور في بحرٍ واحد ألا و هو بحر الزيف .
…
الإنسان برغم كُل الحواجز و الجدران التي يبنيها حوله و يحاول من خلالها حماية فكرة ما أو إسدال الستار على عقله و فكّرِه الذي هو أشد ما يخشى أن يطلع عليه الآخرين .
…
يحاول بأقصى طاقته أن يُلمع لِفكرةً ما ، أن يجعلها قابلة للتصديق بل مُستحيله التكذيب ، أو يحارب من أجل قضيةٍ ما من خلال برنامج ، من وراء شاشة هاتف ، و من قَعر حسابٍ وهمي و مزيف .
…
يُظهر للعالم بأنه مظلوم و صاحب حق ، وانه لا يوجد على وجهِ هذهِ الخليقة من هو أجدر منه بسلب هذا الحق ، و الحصول على الفضل .
….
و الذي لا يعلمه ، بل إنه في بعض الأحيان يعاند حقيقته ، كونه أحمقًا يرشق الناس ِبوابل من الأكاذيب و التي لا يُصدقها سِوى أحمقٍ مثله .
….
عُذرًا عزيزي القارئ صاحب العقل الرزين فما سبق لا يمت لك بِصِلةٍ ، إنما هو لأشخاص آخرين ، أشخاص قرروا إيقاف تشغيل أدمغتهم في زمنٍ غابر ، رُبما في الفترة التي سبقت إكتشاف النفط ، لا أعرف بالضبط متى قرروا ذلك و لكن هذا تقدير شخصي مني ، المهم أنهم قرروا إتباع الراعي ، أو الذئب الراعي إن صح التعبير ،الراعي قليل الدهاء ، عديم الفطنة ، منعدم الضمير و اللأخلاقي .
………..
الراعي الذي غفل عقله عن فكرةٍ ما ، الفكرة التي كانت السبب في فضحه ، ألا و هي كون لسانه المفتاح لدخول عقله ، و معرفه أسبار فِكرهِ و دواعيس دماغه .
……..
نسي الحقيقة الوحيدة الراسخة منذ الخليقة و حتى يبعث الله من في القبور ، الحقيقة الصارمة التي تنص و تقول بأن لسانك هو البوابة لمعرفه جميع أسرارك ، لفتح بوابة عقلك .
………
حقيقة أن لسانك مرآة لعقلك ، رغما عنك ، و رغما عن جهودك و مكابرتك عن الإفصاح عمن تكون .؟!
…..
الإنسان بطبيعته و بغريزته الفطرية ليس معصومًا عن الخطأ ، مهما درب نفسه و روض فكره على الإيمان بحقيقةٍ ما ، على أمل أن يحميه إيمانه الراسخ بكذبه ما من الفضيحة ، **من زله لسانه ** ، أو تصرف أرعن خارج عن الخطة المبنية ، لابد له في النهاية من كشف حقيقته أمام الملئ .
….
أنت و أنتِ ، و جميع من يقرأ هذه المقالة ، في هذه اللحظات قد تتذكر شخصًا ما تنطبق عليه هذه المقولة ” اللسان مرآة العقل ” ، أو قد تكون أنت الذئب بعينه ، و لرُبما كُنت من القطيع الأعمى الذي يسير خلف ذلك الذئب ، لا يُهِمُني من تكون ، ما يُهِمُني حقًا هو أن أحرك فيك و لو القليل ، أن أكون ضميرك الحَيّ ، و أن أكون السبب في إنتشالك بعد الله من الوحل .
…
.
دُمتُم بِوِدّ
إنقطاع الإتصال مع العالم الخارجي .
فيما مضى كان الإتصال بالخارج هو كل شيء ، سواءًا كان الخارج هو الآخرين أو الطبيعة ، لابد من إيجاد طريقة للفهم و المعرفة حتى يتمكنوا من النجاة و البقاء .
..
مع مرور العصور و تراكم الخبرات قل مستوى الحاجة للإتصال و خصوصًا من الآخرين ، أصبح من الممكن تلقي المعرفة ذاتيًا من خلال الكُتب ، مراقبة الآخرين ، التأمل في الطبيعة وغيرها ، إلى أن وصلت البشرية إلى عهد الإنفجار الأعظم الا و هو إنفجار التقنية .
.
تقلص الإتصال بل كاد ينتهي عند البعض ، شكل ذلك اضطراب ليس بالهين ، و لكنه مع ذلك كان قابلًا للإعتياد عليه و تقبله .
.
واستمر الحال هكذا إلى أن حلت الكارثة التي هزت العالم أجمع في العام ٢٠٢٠ م ، حين أُجبر الجميع على اختلاف شخصياتهم و توجهاتهم على الإنعزال التام عن الخارج ، و قطع التواصل المباشر مع الآخرين بشكلٍ تام و إلزامي ، و البقاء في المنازل .
.
حينها و بلا إقتناع أُجبر الشخص الإجتماعي على التعايش مع الإنطوائي ، فلا يوجد لديه حل آخر ، إما الجنون أو تعلم خلق حياة و الإستمتاع بها في معزل عن الآخرين .
.
مرت سنة كاملة على الإنقراض المؤقت للبشر ، ما أقصده هو من وجهه نظر العالم الخارجي ، استمر الإنعزال سنة كاملة و ربما أكثر في بعض البُلدان ، حينما اعتادوا على الحياة بعيدًا عن الإتصال المباشر مع الآخرين ، و كونوا روتينهم الخاص المنحصر على العائلة و ذواتهم ، إنتهت حاله الطوارئ و بدأت العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية .
.
كانت المفاجأة ؛ الإنطوائي إعتاد على وجودهم الدائم و مشاركتهم له في المنزل وفي عزلته ، و الإجتماعي نسي كيفيه الإتصال مع الآخرين خارج مُحيط عائلته ومنزله .
.
حاله من الإضطراب لم يُشهد لها مثيل من قبل ، صمت مُطبق و طويل ، نظرات حائرة ، و كلمات مترددة و خائفة ، حاله اللاوضوح و عدم الفهم .
.
هذا ما كان عليه وجه العالم بعد تمام و إنتهاء الإنقطاع .
.
.
.
دُمتُم بوِدّ
كبت الرضا .
هل فكرت يومًا لماذا يلجئ المبدعون إلى التنقيص من أعمالهم ، أو وصفها بالعادية ، السيئة ، المبتذلة ، وما هو على شاكلتها من الكلمات و التي تطعن بشكلٍ أو بآخر في ذواتهم الخارقة .
.
في حين أن الطرف المادح أو المجزل بالثناء ، يُبدي إستياءه لتلك النظرة الإنتقاصية من هذا العبقري الجاهل لحقيقته .
.
الآمر الذي لا يعلمه الطرف الآخر أن العبقري الصغير يفعل ما يفعله من تدنيس و تلبيس الحقيقة الواضحة للعيان ، حقيقة كونه ناجحًا ، حقيقة وصوله إلى بر الأمان ، والحقيقة المخيفة و التي تتجلى في كون الوصول يعني توقف شلال الإبداع لديه ؛ و هُنا تكمن الكارثة .
.
لنتحدث قليلًا عن ما هيّه الإبداع الحقيقية ،
الإبداع هو الإتيان بجديد أو إعادة تقديم القديم بصورة جديدة أو غريبة. … القدرة على تكوين وإنشاء شيء جديد، أو دمج الآراء القديمة أو الجديدة في صورة جديدة، أو استعمال الخيال لتطوير وتكييف الآراء حتى تشبع الحاجيات بطريقة جديدة أو عمل شيء جديد ملموس أو غير ملموس بطريقة أو أخرى .
.
الإبداع يمكن تشبيهه بطريقٍ طويل لانهائي تتخلله بعض المحطات ، ما إن تصل إلى احدى هذه المحطات حتى تُسارع في حزم حقائبك للمغادرة الى المحطة القادمة و استكمال الطريق.
.
و الذي لا يدركه الجميع ؛ ان الرضا الناتج من تقدير الآخرين يمكن أن يقتل الإبداع بطريقة أو بآخرى ، في الغالب يرى الشخص المبدع و الناجح و المتميز بأنه لم يصل بعد الى المكان الذي يرضيه ، وانه لو سمح لنفسه بالتراخي و التخاذل و الراحة في بعض الأحيان سوف يتأخر عن الوصول الى الوِجْهه التي حددها لنفسه .
.
و بالتالي يميل إلى ان يشبع روحه النهمة للتميز من خلال منح نفسه بعض المكافآت الصغيرة ، بما يراه مناسبًا لا ما يراه الآخرين .
.
ما يستفاد من السابق هو ما يلي ؛ لا تسمحوا لشعور الرضا أن يخدركم و يوقف ابداعكم ، وفي المقابل كافئ نفسك على أي انجاز تحققه او تصل له مهما كان صغيرًا فهو ما زال يمثل خطوة في طريق الوصول .
.
.
دُمتم بِودّ
.
ملاحظة: تم اقتباس تعريف الإبداع من موقع ويكيبيديا
كيف ساهمت الزراعة في تجاوز الإكتآب.؟
في البداية أود تنويرك عزيزي القارئ على أمر مهم ، الا و هو أن الاكتآب مهما اختلفت حدته أو درجته ، يظل دائما مرض يستدعي العلاج بشكل فوري و لا يتحمل بشكل او بآخر ما يفعله الكثير من التجاهل و الاستهانه به مطلقًا ، أيًا كانت طريقتك في التداوي و محاولة تصحيح الأمر لا يهم ، ما يهمنا هو أن تبدأ ، الأن و ليس غدًا..***
…
قد يبدو لك العنوان غريبًا ، و قد ينظر إليه البعض على أنه مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة ، ولكنه على خلاف ذلك تماما ، بل انه توجد دراسات عالمية تثبت قدرة الزراعة و التربة على الوقاية من و علاج الكثير من الأمراض بعد مشيئة الله .
.
سوف أشارككم قصتي مع الزراعة و كيف ساهمت بشكل كبير بعد الله على تحسين مزاجي و حالتي النفسية و الجسدية أيضًا من باب التشجيع على ممارسة هذه الهواية الجميلة .
.
كان دخولي لعالم الزراعة في نهاية العام الدراسي الموافق ل” ٢٠١٩ م” قبل سنتين من الآن ، في حين أن الإمتحانات على الأبواب و باعتبار أنها السنة الأخيرة لي في الجامعة ، قررت زيارة أحد المشاتل من باب تحسين المزاج قُبيل نهاية العام الدراسي بأسبوعين ، اقتنيت بضعة شتلات لأشجار متنوعة و شتلة لعشبة اكليل الجبل ، أصابتني الدهشة حين بدأت العناية بتلك الأشجار ، كيف أن النباتات تمتلك سحرًا خاصًا يميزها و يجذب الجميع إليها ، من ذلك اليوم بدأت أميل و أجنح لذلك العالم الأخضر الفاتن .
.
كانت البداية خاطئة بإعتبار أن العناية بالأشجار صعبة ومجهدة ، و لكن جرت الأمور على نحوٍّ جيد إلى حدٍّ ما ، في السنة التي تليها كانت البداية الحقيقي و التي بينت لي الدور الجبار الذي لعبته الزراعة بعد الله في علاج إكتآب ما بعد التخرج و مجابهه شبح البطالة المزعج .
.
بدأت في البحث عن المختصين في هذا المجال ، و المزارعين ذوي الخبرة العالية بالزراعة ، طلبت بضعه بذور لنباتات مختلفة و متنوعة ، و أنطلقت بتجاربي البسيطة و معلوماتي السطحية ، اتجهت للزراعة العضوية بالاستعانه بنصائح المزارعين .
.
الملخص من ما سبق أن الزراعة تعزز شعور الإنجاز و الثقة بالنفس ؛ وذلك من خلال الشعور بفرحة حصاد الثمار لأول مرة بعد طول الانتظار و الجهد و التعب المبذول في العناية بالنبات ، بالإضافة إلى إعتبارها نشاطًا حركيًا يساهم في زيادة لياقة العضلات و المفاصل ، و أن التعرض لأشعة الشمس في الصباح يزود الجسد بما يحتاجه من فيتامين D ، كما أن لمس التربة و العمل بها يساهم إلى حد كبير في تحسين المزاج و سحب الطاقة السلبية من الجسم بعد الله .
.
إن الزراعة عالم جميل ، ممتع و مليئ بالتجارب و المُفاجئات ، هواية لا تتطلب الكثير من الأدوات و المساحات ، و قد تكون مصدر رزق .
.
أتمنى أن لا تصل لهذه الكلمات إلا وقد عزمت على شراء بعض البذور و اصيص صغير و لو بجانب نافذة غرفتك أو نافذة المطبخ .
.
.
.
دُمتُم بِ وِدّ .
فلسفة الذات
قيل في صقل الذات ؛ إن ما يُكوِّن الشخصية القوية ، الصلبة ، و الإنضباطية ؛ هو بكل بساطة الصدمات و العثرات و المواقف الصعبة .
بالتأكيد لا يوجد لبس بشأن صحة هذه المقولة ، و لكني أود بجانب من فلسفتي الخاصة تسليط الضوء على زوايا آخرى من الحكاية ، زوايا قد تكون مضيئة أكثر من عُتمتِهم السابقة و رُؤيتِهم الدرامية إلى حدٍ ما .
قبل أن نخوض في أغوار هذه المسألة ، أود تذكيرك عزيزي القارئ بأنها قد تحتمل جانبًا للخطأ أو الإختلاف ، شأنها شأن أي أمرٍ آخر في الحياة .
.
من خلال السنوات السابقة استنتجت بأن الشخص القوي ، المنضبط ، الهادئ ، و الحكيم أيضًا ، قد يولد بالفطرة بهذه الصفات و يتمتع برفاهيتها بلا أدنى جهد منه ، بل إنه في بعض الأحيان قد لا يشعر بأهميتها من فرط طبيعيتها .
.
و على الجانب الآخر كان هنالك أشخاص لم يحظّوا بهذه الفطرة أو المزيَّة ، و إنما حصلوا عليها من خلال تنقلهم في مسارات الحياة ، في وقت لاحق ما بعد الولادة ، وهذا هو لُّب و محور الحديث هنا ؛ كأن يمتلك أحدهم جدّين داعمين يُصفِّقان لهُ على ما يشعُران بتميزه فيه من باب حرصهم على تشجيعه و دفعه على التقدم ، و يُعاتِبانه عند الخطأ إتقاءًا لمعاودة الوقوع فيه ، أو أن يحظى بأصدقاء ذوِّي أعين مِجهرية يقتنصون بكل براعة مَواطِّنَ القوة في شخصيته ، من براعته في الكتابة إلى لمساته الرقيقة على كراسة الرسم وُصولًا إلى لذّة أطباقه التي يُعدها بِكُل حب و اهتمام ، يُشعلون لهيب الحماسة في ذاته ، و يدفعون به للمقدمة ، ولا ننسى دور العائلة ، فلا يوجد من يود أن تكون أفضل منه في هذه المجرة سِوا والديك ، حتى لو صدر منهما نا يثبت خلاف ذلك .
و هذا يا عزيزي القارئ إن دل على شيء فإنما يدل على أننا نرى و نُصدق و نُجزم بصحة و خطأ ما يريده منا الآخرين ، و ما وضعوه في قواميس الحياة ، و نلقي جانبًا بنظرتنا الذاتية للحياة ، و بفلسفتنا الخاصة إن صح التعبير .
.
.
.
دُمتم بوِد في رعاية الله.
أمنية لن تتحقق.
كتب هذه القصة تعويضًا لألم قلبي المتفاوت من عدة سنوات ماضية .
.
المكان ؛ الفراغ ، أو الهواء ، أو حتى مابين النجوم ” أحيانًا ” .
الزمان ؛ في الوقت الضيق الضائع مابين الأمور المُتزاحمة .
الشَّخوص ؛ قلبي ، و عقدة حاجبه ، إبتسامته الساخرة ، ونظراته السخيفة ” ليس هو فقط أجزائُه ” .
.
في البداية كان كُل شيء هادئًا ، يسير مع عجلة الحياة ، بتلقائية تاامة ، و رتابة عجيبة .
كما جرت العادة صباح كُل يوم ، اتجهه في وقتٍ مُبكر لشراء قهوتي ؛ ” بلاك كوفي ” ، انتظر ، أفرغ محتويات كيس السُكر و اقلبه تمامًا كما أقلب أفكاري عن ذلك اليوم .
مرت سنين طويلة على تلك العادة ، خلت من السُكر بالطبع ، تعلمت أن لذة القهوة في مَرارتها فقط .
وصلت إلى المكان الذي أراد الله لي أن أصل إليه ، كُنت أقف على أعتاب حُلمي العزيز .
وصلت لأجده أمامي ، المُنافس الأول ، الشريك الأول ، و العدو الأول كذلك .
المسافة بيننا طويلة جدًا ، بل تكاد أن تكون شرخًا يمتد إلى المالانهاية .
لسبب ما كُنت أثق في بُقعة بداخلي ، تهمس لي بأنني سأنجح ، إن لم أسبقه سأكون بجانبه .
سمحت لنفسي بالتخيل ، و أيقضني الواقع بصفعة ، هو لا يُشبهني ولا يريدُني بجانبه ، بل يمقت وجودي أصلًا .
لا بأس ، لا بأس يا وجنتي العزيزة هذه صفعة لإيقاظ روحي النائمة ، ستُدرك الصدمة في حين غَرّة .
اكتمال القمر
كان كُل شيء على ما يُرام والذي يبدو لي بأن الميم و الألف غادرتنا و بقي اليُرام ، هذا ما حدث في عشيةٍ و ضُحاها ، حين توقفنا عن التوقعات و أستقر الرأى على الثوابت الراسيات ، بالضبط و التمام كما توقعت الخُرافة القديمة ، فالسيدات بارعات الجمال و الدلال تحولن إلى بجعات بيضاوات فائقات الخفة و ناعمات الريش ، يسبحن بحُرية في ماء البُحيرة على ضوء القمر في ليلة إكتمالة ، و كما تقول الخُرافة أن السر وراء ذلك التحول الرهيب هو سوء الإختيار و التقدير ، فالأزواج المُدعين للنزاهة يلتقين بالزوجات النزيهات حقًا ، و جزاء الصدق الملتفح بالكذب من كُل جانب هو المسخ ، هكذا قالت الخُرافة وهؤلاء الأميرات يستيقظن صباح كُل ليلة إكتمال القمر على الجانب الآخر من البُحيرة ، فاقدات الوعي و الذاكرة و كُل ما يؤهل الشخص كي يغدو إنسانً ، و لكنهم فوق كُل ذلك يُعدن الكرة في منتصف جميع الشهور اللاحقة بلا أدنى شك فيما يحدث لهن ، وهكذا أنهى الكاتب قصته المُلتحفة بالترهيب والترغيب للفتية الصِغار .