ثمانية أيام قبل الحدث ؛
توجهت لعيادة النساء و الولادة لحضور موعدي المعتاد في نهاية كُل شهر .
.
كالعادة موعد روتيني بدايةً من الإنتظار الذي لا طائل منه ، مرورًا بقسم الأشعة و المختبر ، الى ان توجهت للطبيب المراجع لكي ينتهي صباحي الطويل بعد
اسأله روتينية و معلومات مكررة في كل موعد انتهت بسلام ثم غادرت العيادة .
.
بعد وصولي للسيارة و استعدادي للمغادرة وردني اتصال من رقم غريب ، تلقيت الاتصال على عجابة حتى لا انشغل عن قيادة السيارة وكان الطبيب المشرف على مواعيدي ، اخبرني بضرورة العودة إليه لأمر طارئ ، عُدت على عجل وإنتظرت خارج العيادة حتى خرجت المرآة التي تسبقني .
.
دخلت العيادة على عُجالة حتى ينتهي ذلك الموعد الطويل واعود لِوِسادتي الدافئة ، بمقدمة غريبة سألني إن كُنت بخير ولا اشكو من أي أمر ، ثم إستطرد لفحوى طلبه بالعودة كالتالي ؛ ” أود إخبارك بأن حاله الجنين تستدعي ضرورة إجراء عملية قيصرية و اختيار موعد قريب لذلك ” ، وقفت مذهولة ولا مصدومة في آنٍ واحد ولا اعرف بماذا أُجيب ، وفي غمرة ذهولي اخبرني بضرورة سرعة اتخاذ القرار و التوقيع قبل خروجي من عيادته.
.
لحظات غريبة مرت و كأنها تُختبر مهارتي في التعامل مع القرارات المُفاجئة ، اخبرته بموافقتي و تقديم سلامة جنيني على رغباتي ، ثم وقعت الأوراق اللازمة و عدت للمنزل .
.
أيام معدودة انقضت حتى اليوم المنتظر، مرت على عُجالة من أمرها مابين تجهيزات نهائية وتجهيزات نفسية .
.
يوم الثلاثاء ذهبت للتنويم قُبيل الولادة بيوم ؛ اجراءات روتينية و تحاليل مخبرية لا نهائية.
.
الأربعاء الموافق ١١/٢٨ من الصباح الباكر بدأت التجهيزات و كان وقت الولادة المتوقع مابين الساعة السابعة صباحا و الواحدة ظهرًا ، انقضت الساعات ببطئ شديد مُثقلة بالقلق و التوتر اللانهائي .
.
الساعة الثالثة عصرًا شقت صرخة صغيرة الصمت القلق لغرفة العمليات و قدِمت ملاذ لتزيد حياتي بهجةً و حباوة .
.
.
بشرى الثبيتي
أرشيف الكاتب: بشرى.
مراجعة رواية ؛ لا تقولي إنك خائفة
نبدأ بالتعريف بالكاتب؛ جوزِبِّه كاتوتسيلا .
كاتب وصحفي إيطالي ، تُعنى كتاباته بالأزمات الإنسانية كالهجرة ، و القضايا الوطنية كالمافيا ، كَتَبَ العديد من المقالات و القصائد و المجموعات القصصية و الروايات الإستقصائية .
.
..
تدور أحداث القصة في ” الصومال ” تحديدا في مدينة ” مقديشو “حيث تعيش بطلة الرواية ” سامية”
في كنف عائلتها الحبيبة و صديقها المُقرب ، في منزل طينيّ ذا فناءٍ واسع شُطِر إلى نصفين كي يحتضن عائلتها و عائلة صديقها المُقرب ” عليّ” .
.
من هُنا تكمن قوة الكاتب في منح الأشياء كيانًا وهذا يرجع إلى براعته في الوصف و تدوين الأحداث بطريقة تدور حول هذه الأشياء ومن أهمها ؛ شجرة الكافور في فناء المنزل ، صورة العداء محمّد فرح ، عصابة الرأس البيضاء ، وغيرها .
.
في الأجزاء الأولى من الرواية يصور لنا الكاتب حياة سامية البسيطة و الرتيبة و المتمثلة في المغامرات و اللعب مع صديقها المفضل عليّ ، بداية تكون
” جماعة الشباب ” و ما تبعها من قوانين و تضييق للحياة الضيقة من أساسها ، المساس بحُلمها الخاص
” الجري في ألعاب الأولمبياد ” .
.
ثم ينتقل بِنا الكاتب إلى مرحلة حساسة في حياة سامية وهي فُقدانها لصديقها المُفضل بلا سابق إنذار و التي كانت البداية لسلسة من المعاناة و الآلام اللاحقة.
.
صور لنا الكاتب معنى أن تفقد صديقك الوحيد و المُفضل و حجم الفراغ الذي يتركه رحيله و الذي لا يمكن لأي شيء في العالم أن يحِلّ محله .
.
إنتقل الكاتب بعد ذلك إلى منحنا قطعة من السعادة المُؤقتة قُبيل الصدمة الكُبرى و الأكثر إيلامًا في حياة سامية و عائلتها أيضًا .
.
تلى ذلك مُحاولة إستشفاء سامية من تِلك الصدمة و مُشاركتها في أول منافسة جريّ عالمية أُقيمت في الصين تحديدًا ” بِكّين ” ، حيث إلتقت بأبطالها المُفضلين ، وعرفها العالم كونها سامية العدّاءة الصومالية المُكافحة و ذات المركز الأخير .
.
عادت إلى الصومال حاملةً معها ذلك الإرث الكبير و الفخر العظيم ، بروح قوية و مُثابرة إستكملت سامية تمارينها و تجهيزها للبطولات التالية ، إلى أن عاد صديقها المُفضل ” عليّ” في ليلة مُقمرة حاملًا معه القشة التي قسمت ظهر سامية و أجبرتها على إتخاذ أكبر و أخطر قرار في حياتها .
.
رحلت سامية عن الصومال بلا عودة ، مُحمّلة بالألم و الحزن و الأمل و التطلع لمُستقبل أفضل .
.
قرار الهجرة لم يكُن قرارًا سهلًا ، و الطريق إلى محطتها الأخيرة لم يكُن مريحًا و لا إنسانيًا .
.
صوّر الكاتب بعد ذلك بِبراعته المُعتادة مُعاناة المُهاجرين الغير شرعيين ، و ما يواجهونه من ظروف قاسية وإستثنائية ، حيث لا ضمانات ولا وعود صادقة لوصولك إلى مكانك المقصود بعد ذلك .
.
رواية مُشبّعة بالمشاعر و اللحظات التي لا تُنسى ، مليئة باللحظات الصادقة و التي تُجبرك على أن تعيشها بكل حذافيرها مع شخوصها ، تجعلك تنظُر إلى مشاكلك و مصاعبك و كأنها لا شيء مُقارنةً بما عاشته سامية ، تجعلك تستشعر نعمة الأمن و الأمان و الحياة الكريمة و كأنها كُل شيء .
ملاحظة ؛ الرواية مقتبسة من قصة حقيقية
مِستر كباب.
كنايةً عن المسمى المشهور جِدا للشخصية الكرتونية
” مِستر سلطع ” إخترت عنونه مدونتي بهذا الشكل.
.
.
ليلة الخميس المُزدحمة بالأعمال التي يجب إنجازها قبل بداية العُطلة الأسبوعية ، قررت و بِلا خطة مُسبقة إعداد طبق العشاء بالإضافة إلى طبق من الحلوى ” سينابون ” .
.
كان الوضع كارثيًا بشكلٍ لا يوصف ، ولكن لا مجال للتراجع بعد الآن .
.
.
نَصَّت الخطة على أن ابدأ بإعداد خلطة الكباب مُسبقًا و أقوم بتشكيلها ثم وضعها في الفريزر حتى وقت إعداد العشاء .
.
.
الوصفة كالتالي ؛
نصف كيلو لحم مفروم ” عجل ” ، بصلتين متوسطة الحجم مفرومة ومُصفاة من الماء ، ٤ – ٥ ملاعق طحين ، القليل من الكُزبرة الخضراء المفرومة ، ملح وبهارات مُشكله ، وأخيرا القليل من البابريكا المُدخنة الحلوة.
نعجن المكونات السابقة حتى تتجانس تماما و تصبح متماسكة ثم نتركها عدة دقائق في الثلاجة قبل التشكيل .
نشكل أوصال الكباب على هيئة أصابع طويلة و متوسطه السُمْك .
.
بعد أن تجاوزت هذه المرحلة بسلام إنتقلت للمرحلة الثانية وهي ” الطبخ” في تلك اللحظة قررت أن أشوي أوصال الكباب في الفُرن بعد الإنتهاء من إعداد أول صينية من ” السينابون ” ، ولكن جَرَت الرياح بما لا أشتهي ، ولكونها أول مرة لي في إعداد حلوى ” السينابون ” إستغرقت وقتًا طويلًا في الفُرن .
.
.
تِبعًا لذلك قررت التوجه إلى خُطة بديلة وهي أن أشوي قطع الكباب في صينية خارج الفُرن بإستخدام شُعلة الغاز الخارجية .
.
لأصدُقكم القول كلفتني تلك الخُطة البديلة الكثير ، حيث أنها تسببت في تناثر قطرات الزيت في كامل المطبخ و إنتشار رائحة الطبخ لآخر الحيّ ، و دخول المطبخ في حالة كارثية من الفوضى العارمة .
.
.
في النهاية تم شويّ قطع الكباب و إعداد الساندويشات بسلام .
.
بُرقر سعيد..
مساء الخير عزيزي القارئ الجائع .
.
من هذه النُّقطة سوف ابدأ سلسلة جديدة من المدونات ؛ كونوا بالقُرب …
.
.
.
تعتبر فقرة التجهيز للعشاء المفضلة خلال يومي ، و
ذلك لعدة أسباب منها ؛ تنوع الاختيارات و الأصناف التي يمكن إعدادها لهذه الوجبة ، كونها الوجبة الرئيسية المنتظمة لدي بعكس الوجبات الآخرى …
.
يمنحنا التخطيط فُرصة لتحديد إحتياجاتنا وتقليل فُرصة حدوث الأخطاء .
.
وعلى إِثر ما سبق خططت لإعداد ” البُرجر السعيد ” بناءًا على صُدفة وجود قطعتين من الخبز في المكان الخاطئ لِوجودِهما ، غُرفة الجلوس..!
.
تفاديًا للخروج عن نص الحديث سوف اترك لكم طريقة إعداده بالكامل .
.
سوف نبدأ بقطعة من الدجاج نقسمها من المنصف الى شريحتين متوسطة السُّمْك ، ثم نقوم بتعنيفها قليلا بالمطرقة حتى تُصبح اقل سماكة و أكثر طراوة ، بعد ذلك نقوم بتتبيلها بالقليل من بهارات الشِواء و عصير الليمون و القليل من الخردل ثم نتركها في الثلاجة من ساعة الى ساعتين حتى تتشرب بكامل التتبيلة .
..
في الخطوة التالية نقوم بتجهيز وجمع المكونات الآخرى ؛ شريحة الطماطم ،شريحة الجُبن قليل السُعرات ، الخس ، الجرجير ، “الخبز السعيد “، الكاتشب .
..
وأخيرا نقوم بِشواء قطعة الدجاج المتبلة في مقلاة على الغاز مع القليل من زيت الزيتون.
.
لا داعي لذكر ما يلي ذلك من جمع المكونات و الإنفراد بِ ” البُرجر السعيد” .
.
.
.
.
النهاية
مراجعة رواية صاحب الظل الطويل.
لكل من لم يُشاهد هذا المسلسل الكرتوني أنصحك بقراءة الرواية قبل ذلك .
.
نبدأ كالعادة بنبذة بسيطة عن الكاتبة؛” جين ويبستر “
روائية أمريكية ومؤلفة للعديد من الكتب من ضمنها ؛ أبي طويل الساقين و عدوِّي اللدود.
………….
تتحدث الرواية بشكل عام عن ” جودي أبوت” الفتاة ذات الشعر الأحمر القرمزي يتيمة الأبوين ، والتي تعيش بطبيعة الحال في دار أيتام تكتظ بسبعة و تسعون يتيمًا وهذا أمرٌ معتاد في حين أن الخارج عن العادة يرتسم في كونها اليتيمة الأكبر سِنًّا بينهم ذات السبعة عشر عامًا و المسؤولة بشكل كامل إلى حدٍ ما عن كل ما يتعلق بِهؤلاء الأيتام المشاغبين الصِّغار .
.
تبدأ الرواية بيوم الأربعاء الكئييب و الذي يعني إجتماع الأوصياء لتفقد حال الدار و الأيتام بشكل عام على وجهه السرعة و العجلة ، كما تدعو ذلك جودي :” وكانوا الآن يُسرعون بالعودة إلى منازلهم و مدافئهم المبهجة ، لينسوا مسؤولياتهم الصغيرة المُزعجة لشهر آخر”.
.
ومن بين أيام الأربعاء الكئيبة تِلك حل الأربعاء المُبهج والذي تمت خلاله مناقشة وضع ” جودي ” و حدوث الإنقلابة الكُبرى والتي تسببت في تغيير مجرى حياتها للأبد .
.
تَلَى ذلك خروج جودي من الدار و بداية صفحة جديدة في حياتها مع ” صاحب الظل الطويل ” والذي قرر بِكرمهِ اللامتناهي أن يتكفل بدراسة جودي في الكلية بالكامل مقابل طلبٍ غريب وغير اعتيادي …
.
ببراعة تامة تجلت من الكاتبة ؛ ” جين ويبستر” جعلتنا نعيش تلك الصفحة الجديدة من حياة “جودي ” بكامل تفاصيلها وبمشاعرها الصادقة و العذبة ، والتي تمثلت في عيش الحياة الحقيقية خارج جدران ذلك الميتم ، وتجربة الأشياء لأول مرة ، و الإعتماد على النفس في كل شيء .
.
في تسلسل بديع للأحداث و نقلات مُبهجة و آخرى مُحزنة سارت الحكاية في غاية العذوبة والرقة ونقلت من خلال مسيرتها تِلك رسائل يستحيل أن تمحيها ذاكِرَتُنا .
.
ومن خلال رواية ” صاحب الظل الطويل ” نتذكر قيمة الأشياء في حياتنا ، و نتعلم ببساطة ” جودي ” كيف نستمتع بأصغر الأمور التي تحدث في حياتنا ، ونُعطي القيمة لأقل الأشياء حتى نستشعر عظيم النِّعم التي وهبنا الله إياها ونشكر الله عليها.
.
.
.
اعتذر عن الإيجاز و القفزات حتى لا اتسبب بحرق الأحداث لمن لم يقرأ الرواية.
.
دُمتُم بِوِدّ.
“الكِتابة” وسيلة أم غاية ؟
سؤال دار في ذهني كثيرًا ، حتى بقيت أجهل الدافع الأساسي خلف مزاولة الكتابة ” كمهنة او كهواية ” .
.
وكنت أقف على الحافة دائما مابين العودة و المواصلة ، ومابين ترك المحاولة و الإستسلام لمخاوف الكتابة .
.
وعلى إثر تِلك المخاوف و التردد تحاشيت إكمال الكثير من النصوص و الروايات و القصائد أيضًا ، حتى لا أعود لدوامه الأفكار المُزعجة والتي تتضمن الكثير من ؛
– لماذا لا تُطيعُني الكلمات.؟
– ولماذا لا أجد قارئًا شغوفا يُسعفني كي أكتب.؟
– كيف يمكنُني خلق نص لا يُنسى.؟
– كيف استطيع تجميع أفكاري المتناثرة.؟
و و و ….
.
وعلى غِرار ذلك توصلت إلى فهم حقيقة الكتابة لديّ ،
أن الكتابة تمثل لدي عملًا مرهقًا وليست وسيلة للإستمتاع ، ورغم ذلك ما زلت أحب ما أكتب و أستلذ بالكلمات التي تسقُط في يدي و تنال شرف التدوين عن غيرها من الكلمات التي لم يحالفها الحظ .
.
من هذا الباب قررت ترك الأمور تسير كما تهوى ، فحين أحاول خلق نص جديد و يأبى أن يمتثل لي أتركهه وشأنه ، فتكرار المُحاولة أشبه بإرغام طفل في الثالثة من عُمره على تناول موزة عِوضًا عن تناول قطعة من الشوكولاته.
..
فكانت الكتابة وسيلة لإيصال مفهومٍ ما ، أو إقرار فكرة ما ، أو حتى تسليط الضوء على حقيقةٍ منسية .
.
حين أقول ذلك اتحدث عن نفسي فقط ولا شأن لي بالبقية ، فلِكُلِّ كاتب وجهه و توجّهٌ مختلف عن الآخر .
.
يأتي أحدهم و يسأل ؛ لماذا لم أصنف الكتابة على أنها غايةً عِوضًا عن كونها وسيلة.؟
جوابي كالآتي : كان من المُمكن أن اختار الغاية في زمنٍ آخر كي تكون كُل ما أُسخر له وقتي وطاقتي و جُهدي ، ولكن مع مرور السنين و تكون أفكار آخرى ، ونشأة هِوايات مختلفة بمجالات لا يُمكن أن تلتقي طُرقاتها ، عدِلّت عن تصنيف الكتابة كغاية أسعى جاهدة لكي تكون على أكمل وجه ، وتكون بتلك الجودة و البراعة التي تُبهر كُل مَن يقرأُها .
.
مِن هُنا تغير مسار الكتابة لديّ ، وفضلت أن تكون وسيلة متعة و تسلية بالإضافة إلى الأسباب الأُخرى التي ذكرتُها سابقًا .
.
أخيرًا أقول بأن الكلمات تأتي في الوقت المناسب لها وليس لِي ، وأنها إن جاءت نسخت ما قبلها و تولد معها فَنٌ جديد أكثر إبهارًا مما كان يسبقه.
.
دُمتُم بِوِدّ.
مراجعة رواية ليلة النار🔥
في البداية بأعطيكم نبذة بسيطة عن الكاتب ؛ إريك إيمانويل شميت ولد في ( 28 مارس 1960) روائي و كاتب مسرحي و مخرج فرنسي من أصول بلجيكية.قدمت أعماله في المسارح العالمية.
.
نبدأ ونقول بسم الله .
من فترة طويلة وهذي الرواية في قائمة الكتب التي أود اقتنائها وما كان في فرصة عشان أقتنيه
” بالأصح كانت الأولوية لغيره من الكتب ” ، صادف مرة من المرات زرت مكتبة جرير و كان فيه خصم على الكتاب، وكان اللقاء الموعود و المؤجل .
.
قد يصور للقارئ من اسم الكتاب كونه مرعب ، ويخبئ في داخله جانبًا من الغموض السيئ ولكنه على نقيض ذلك ، يلامس المشاعر بل أعمقها وأكثرها تأثيرًا على الذات البشرية .
.
في رحلة لم تتجاوز العشرة أيام نقلنا الكاتب ببراعة مابين أوروبا و أفريقيا ، بسلاسة فائقة حتى أنك لن تشعر من خلال هذه النقلات بِعبئ السفر .
.
جيرار الرحالة شديد الفراسة و المخرج الماهر قدم لصديقة الكاتب الفيلسوف إيريك رحلة لن ينساها التاريخ وليس هو فقط .
.
تدور الحكاية حول روعة الصحراء ، بلياليها الطِوال الباردة والتي تختزل الكثير مما يفوق العقل البشري ، و يفوق المعتقدات و المبادئ الراسخة ، وكأنها تقول بلسان حالها ؛ ” ما إن تطئ قدماك رمالي لن تخرج مني كما دخلت إليّ ” .
.
يصل طاقم الرحلة من أوروبا وبين نصب عينيّ كل واحد منهم هدف معين قَدِم لأجل تحقيقة ، بينما كان بطل حكايتنا ” إيريك” الوحيد الذي يفتقد هدفه المحدد ، قدم للصحراء من باب إكتساب تجربة جديدة .
.
مابين رهبة الصحراء و قداستها كان هنالك ” الطوارق” وعلى رأسهم الطارقي ” أبايغور “بزيّه الأزرق المهيب ، كبوصلة أمان لتلك الصحراء المهيبة و المُخيفة أيضًا .
.
يتحدث ” إيريك” بلسان الفيلسوف المُلحد عن مخاوفة ، وعن ذلك القلق الرابض في داخله ، أن تقف على حافة الإيمان و إيجاد الطمأنينة و تعود من تلك الحافة لنفس القلق الذي دفعك للبحث عن مأمنك .
.
تمضي أيامه و لياليه في محاولة إستيعاب ذلك الطارقي الغامض ” أبايغور” و مراقبة إنغماسه الشديد وانكساره في عبادته لربه .
.
وفي الفصول الأخيرة من الحكاية يكشف لنا الكاتب عن السر خلف تسمية الرواية بهذا الاسم الرائع ، وعن تفاصيل ليلة النار ، الليلة التي لن ينساها الكاتب مُطلقًا ، الليلة التي وُلد فيها من جديد .
.
اقتباسات من الرواية :
١#
وطني… هل لي وطن ؟ كنت أعرف الآن أنّني آتٍ من لا مكان و راحل إلى اللّامكان. فقد أصبحت رحّالة.
ونظرتُ إلى الشمس في السّماء .
وطني ؟ الصّحراء وطني لأنّها وطن الّذين لا وطن لهم. هي وطن الرّجال الحقيقيّين المتحرّرين من القيود .
.
٢#
و وراء هذا الشّغف الموسوعيّ ، لاح لي قلقٌ خفيّ. فحين نحصي اللاّمتناهي ، ألا يعني هذا إنكاره.؟
.
٣#
وضع يده على كتفي و حدّق في وجهي بقزحيّتيْ عينيْه الصّافيتيْن ، ومع أنّه يصعب عليّ اليوم أن أذكر بدقّة ما إذا كان قد قال ذلك أو سمعته دون أن يتفوّه به ، أعطاني نصيحته الأخيرة كأبن للصحراء :
– لا تنسِ ما لا يُنسى.
.
ملاحظو الكتاب ما يناسب الأطفال و المراهقين.
تفسير الوهم.
من المعلوم أن الطبيعة البشرية تركن إلى الخوف كدرعٍ حامي بدلًا عن مواجهه الحقيقة و الخطر ، لا بأس بذلك طبعا كونها فطرة أوجدها الله في جميع الأنفس ولا يمكن نُكرانها أو تدليسها بأي شكلٍ من الأشكال .
.
إنطلاقًا من هذه الفطرة تجرأت محاولاتي البسيطة على المساس بهذه الفكرة المقدسة و تجريدها من حقيقتها ، أول بمعنى أصح تفسيرها .
.
إن الوهم ما هو إلا جلباب تُرّغم الحقائق على إرتدائه حتى لا يراها الناس أو يتقبلوا فكرة وجودها من الأساس ، و على ذلك مرت الحياة برتابه بشعة ، هل الرتابة بشعة حقًا .؟
لقب البشاعة ينطبق على كل ما يَقّبِر الأحلام وهي في أحضان أمهاتها ، لا شيء أكثر .
.
كأن توجد تفسيرًا يُناسبك لكل شيء لا يُشبه ما إعتدت عليه ؛ لصوت الثلاجة المفاجئ في منتصف الليل ، ولسقوط غرضٍ ما من فوق الطاولة ، لإهتزاز النافذة بلا سبب واضح ، ولتغير وميض المصباح المتهالك ، ……الخ
.
وعلى هذه الشاكلة مرت حياتك بطمأنينة زائفة ، وخوف يتقوقع بداخلك ويكبر مع كثرة الأحداث في حياتك .
.
هنا كانت المشكله .!!
حين تصبح قناعاتك محل تشكيك ، وتصبح الأرض من أسفل قدميك متزعزعة غير ثابته ، ويأتي شخص آخر من خارج دائرة إطمئنانك يحفر في داخلك الهشّ ، ويدمر الصورة الرمادية التي حاولت بشتى الطُرق حمايتها ، ببساطة أن يختبر قوة تحملك ويتحدث بحقيقة وهمك الخاص .
.
حينها فقط تصبح وباءًا يمشي وينشر أوهامه بين الآخرين حتى لا يصبح الخائف الوحيد .
.
حتى لا تبدو كالغريب الذي يخاف من طقطقة النافذة ولا يتعب عقله بتفسير ما حدث ، يركن ذلك الصوت المخيف لشمّاعة ” أتوهم مافي شيء ” .
.
مراجعة رواية ؛ يوتوبيا
بدايةً سوف نأخذ لمحة بسيطة عن المؤلف ؛ أحمد خالد توفيق .
.
طبيب، وكاتب، ومؤلف، ومترجم مصري. يُعد أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب. والأشهر في مجال أدب الشباب، والفنتازيا، والخيال العلمي. لُقب بـ”العراب”. بدأت رحلته الأدبية مع كتابة سلسلة ما وراء الطبيعة، ورغم أن أدب الرعب لم يكن سائدًا في ذلك الوقت، فإن السلسلة حققت نجاحًا كبيرًا، واستقبالًا جيدًا من الجمهور.
.
تعرفت عليه من خلال روايته هذي و كانت بداية جميلة لي مع هذا الكاتب العظيم .
..
بنتكلم الآن بشكل عام عن هذي الرواية ” يوتوبيا ” ، احداث الرواية تقع في دولة عربية تحديدًا ” دولة مصر” ، تتكلم عن أحداث تقع في المستقبل وليس الحاضر او الماضي ، عن وقوع مشاحنة و حروب ومنافسة بين طبقات المجتمع ؛ الطبقة الغنية او الثرية ، الطبقة المتوسطة ، و الطبقة الفقيرة ، وعن الأثرياء الذين احتكروا مقومات الحياة لأنفسهم و قررو تبعًا لذلك الإنعزال عن بقية المجتمع و تكوين عالم خاص بهم ، بعيدًا عن شبح الفقر و الجوع و المرض .
.
تطرقت الرواية أيضًا للنتائج المترتبة على ذلك ، حيت طغت طبقتي الفقر و الثراء على الطبقة المتوسطة ؛ بل إن النتائج طمس الطبقة الوسطى من المجتمع تماما .
.
في بداية الرواية هيئ لنا الكاتب الجو العام و منحنا فكرة عن أهم طبقة والتي تدور حولها الرواية ألا وهي الطبقة الغنية ، التي انشأت لها مدينة وعالم منفصل و أطلقت عليه مسمى ” يوتوبيا ” ، و وضح لنا حال أهل و سكان هذي المدينة ، وفي المقابل وضح لنا حال الفئة الثاني من المجتمع وهي الطبقة الفقيرة ، وذكر لنا الصراع الدائم بينهم .
.
بطل الرواية كان شاب متوسط العمر وحيد والديّه ، فائق الثراء حيث كان والدة يتربع على عرش شركة تحتكر المجال الطبي و العلاجي و كل ما يخصه .
.
من سنن الحياة الأزلية أن الثراء الفاحش يرافق و يُوافق الملل و السأم ؛ التعليل لذلك هو ان المال يجلب كل شيء في الحياة ما عدا ” المشاعر ” .
.
المشاعر هي الشيء الوحيد الذي لا يُشترى بالمال ؛ لان الحياة كما وصفها الله سبحانه و تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في كَبَدّ) ، إثباتً على ما سبق و كون جمالية الحياة تتمثل في تقلباتها و أصل الحياة هو الكبد وهو التعب و المعاناة ، ومنه يقد الإنسان نعمة السعادة والرخاء ، ونعمة الأمان .
.
وهذا ما حرص الكاتب على إيصاله للقارئ ، مفهوم السعادة الحقيقي ومفهوم الأمان ، حتى يمنح القارئ تصور ول بسيط عما سيؤل إليه حاله حينما تُسلب منه هذه النعم .
…
ملاحظة ؛
**الكتاب غير مناسب للأطفال و المراهقين لإحتوائه على بعض الكلمات الخادشة للحياء.
.
.
.
بشرى الثبيتي
ودائع الله
” إستودعتك الله ” كلمة نختم بها الحديث أو اللقاء من باب الحب و الإهتمام لكل شخص عزيز ، ومرات من باب العادة .
.
بس السؤال هل حصل و تفكرنا في عُمق هذي الكلمة .؟
هل حصل و قلناها بإيمان كامل و يقين .؟
.
إذا كان الجواب ” لا ” باسرق من وقتكم القليل و اقص عليكم حكاية شخص من الصالحين و كيف ساعده الإستوداع في حياته .
.
قصتنا عن أحد الصالحين كان ما يفوت إقامة الصلاة في المسجد أبدًا ، يترك أشغاله و حياته عشان يلحق الصف الأول و الإقامة ، ولهذا “والعلم عند الله” تكفل الله بحفظه بسبب محافظته على حضور الإقامة بالمسجد ، لدرجة كانت الشياطين تتربص له و تحاول تأذيه بشتى السُبل و المسالك ، هذا الرجل كان عنده حفيد يُحبه حُبًا جمًا ، قدر الله و دخل هذا الحفيد في غيبوبة إستمرت لفترة طويلة ، الرجل الصالح كان قبل ما يذهب للصلاة يمر على غرفة حفيدة يتطمن عليه ، يوم من الأيام و هو خارج للصلاة تناهى إلى مسمعة صوت حفيدة ينادية ، رجع للبيت مسرع مو مصدق اللي سمعته أذنه ، لمن دخل الغرفة وجد حفيدة على حاله ما زال في غيبوبته و فاتته الإقامة ، في تلك اللحظة التي قدرها الله بحكمته و علمه تمكنت الشياطين من إختراق حصنه و إيذائه ، إستمرت الأذية لين راح لأحد المشايخ اللي نصحه بفعل بسيط ما ياخذ وقت و يحفظه ويحفظ له من يُحب بعد الله .
.
قال له الشيخ ؛ بعد كل صلاة فجر اجلس اقرأ اذكار الصباح و إستودع الله نفسك ومن تُحب و ما تُحب .
.
الخلاصة من القصة السابقة و ما يُستفاد هو ؛ أن الله وعد كُل من يتوكل عليه و يستودعه نفسه أو أي أمرٍ كان بالحماية و الحفظ .
.
من هذا الباب حبيت أوجهه رسالة بسيطة لكل شخص غافل أو ناسي أو حتى لا يعلم أهمية الإستِوداع .
.
مرات الإنسان يستودع الله أمر أو شخص و يجلس في حاله قلق و توتر شديد ؛ وهذا منافي لمفهوم ودائع الله ، و أرى أنه من قلة التأدب مع الله جل جلاله .
.
إستودعوا الله أنفسكم و أحبابكم و ما تحبون ، بقلب صادق و يقين كامل بالله .
.
دُمتُم بِوِدّ.